سؤال للشيخ الألباني عن واقع المسلمين, عما يجب على المسلم من العمل حيال الأمة؟
فكان الجواب:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } [آل عمران:102]، { يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [النساء:1]، { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب:69-70].
أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعه ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وعلى ذلك نجيب: إن و ضع المسلمين اليوم لا يختلف كثيراً ولا قليلاً عما كان عليه وضعالدعوة الإسلامية في عهدها الأول، وأعني به العهد المكي. أقول لا يختلف وضع الدعوة الإسلامية اليوم، لا في قليل ولا في كثير عمّا كانت عليه الدعوة الإسلامية في عهدها الأول، ألا وهو العهد المكي، وكلنا يعلم أن القائم على الدعوة يومئذ، هو نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أعني بهذه الكلمة أن الدعوة كانت محاربة؛ من القوم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أنفسهم، كما في القرآن الكريم، ثم لما بدأت الدعوة تنتشر، وتتسع دائرتها بين القبائل العربية حتى أمر النبيصلى الله عليه وعلى آله وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينة -طبعاً نحن الآن نأتي برؤوس أقلام لأن التاريخ الإسلامي الأول والسيرة النبوية الأولى معروفة عند كثير من الحاضرين-، لأنني أقصد بهذا الإيجاز والاختصار، الوصول إلى المقصود من الإجابة على ذلك السؤال.
ولذلك فإنني أقول: بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتبعه بعض أصحابه إلى المدينة، وبدأ عليه الصلاة والسلام يضع النواة لإقامة الدولة المسلمة -هناك في المدينة المنورة- بدأت أيضاً عداوةُ جديدة بين هذه الدعوة الجديدة -أيضاً في المدينة-؛ حيث اقتربت الدعوة من عقر دار النصارى وهي سورية يومئذِ؛ -التي كان فيها هرقل ملك الروم-، فصار هناك عداء جديد للدعوة، ليس فقط من العرب في الجزيرة العربية؛ بل ومن النصارى أيضاً في شمال الجزيرة العربية -أي في سورية- ثم أيضاً ظهر عدوُ آخر ألا وهو فارس. فصارت الدعوة الإسلامية محاربة من كل الجهات؛ من المشركين في الجزيرة العربية، ومن النصارى و اليهود في بعض أطرافها، ثم من قبل فارس؛ التي كان العداء بينها و بين النصارى شديداً كما هو معلوم من قولة تبارك و تعالى: { ألم غلبت الروم . في أدنى الأرض . وهم من بعد غلبهم سيغلبون . في بضع سنين } [الروم:1-3].
الشاهد هنا: لا نستغربنَّ وضع الدعوة الإسلامية الآن، من حيث إنها تُحارب من كل جانب. فمن هذه الحيثية كانت الدعوة الإسلامية في منطلقها الأول أيضاً كذاك محاربة من كل الجهات. وحينئذٍ يأتي السؤال والجواب.
ما هو العمل؟
ماذا عمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه الذين كان عددهم يومئذٍ قليلاََ بالنسبة لعدد المسلمين اليوم -حيث صار عدداً كثيراً، وكثيراً جداً؟
هنا يبدأ الجواب: هل حارب المسلمون العرب المعادين لهم -أي قومهم- في أول الدعوة؟
هل حارب المسلمون النصارى في أول الأمر؟ هل حاربوا فارس في أول الأمر؟
الجواب: لا، لا كل ذلك الجواب لا.
إذاً ماذا فعل المسلمون؟
نحن الآن يجب أن نفعل ما فعل المسلمون الأولون تماماً؛ لأن ما يصيبنا هو الذي أصابهم، وما عالجوا به مصيبتهم هو الذي يجب علينا أن نعالج به مصيبتنا، وأظن أن هذه المقدمة توحي للحاضرين جميعاً بالجواب إشارةً وستتأيد هذه الإشارة بصريح العبارة. فأقول: يبدو من هذا التسلسل التاريخي والمنطقي في آنِ واحدِ أن الله عز وجل إنما نصر المؤمنين الأولين؛ الذين كان عددهم قليلاً جداً بالنسبة للكافرين والمشركين جميعاً من كل مذاهبهم ومللهم، إنما نصرهم الله تبارك وتعالى بإيمانهم.
إذاً ما كان العلاج أو الدواء يومئذٍ لذلك العداء الشديد، الذي كان يحيط بالدعوة، هو نفس الدواء ونفس العلاج الذي ينبغي على المسلمين اليوم أن يتعاطوه لتحقيق ثمرة هذه المعالجة كما تحققت ثمرة تلك المعالجة الأولى. والأمر كما يقال: التاريخ يعيد نفسه؛ بل خير من هذا القول أن نقول إن الله عز وجل في عباده وفي كونه الذي خلقه ونظّمه وأحسن تنظيمه له في ذلك كله، سنن لا تتغير ولا تتبدل { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً }[فاطر:43].
هذه السنن لابد للمسلم أن يلاحظها، وأن يرعاها حق رعايتها، وبخاصةٍ ما كان فيها من السنن الشرعية.
هنالك سنن شرعية وهنالك سنن كونية، وقد يقال اليوم -في العصر الحاضر- سنن طبيعية، هذه السنن الكونية الطبيعية يشترك في معرفتها المسلم والكافر، والصالح والطالح، بمعنى: ما الذي يقوّم حياة الإنسان البدنية؟ الطعام والشراب والهواء النقي ونحو ذلك. فإذا الإنسان لم يأكل.. لم يشرب.. لم يتنفس الهواء النقي، فمعنى ذلك أنه عرَّض نفسه للموت موتاً مادياً. هل يمكن أن يعيش إذا ما خرج عن اتخاذه هذه السنن الكونية ؟
الجواب: لا، { سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الفتح:23].
هذا -كما قلت آنفاً- يعرفه معرفة تجريبية كل إنسان؛ لا فرق بين المسلم والكافر والصالح والطالح. لكن الذي يهمنا الآن أن نعرف أن هناك سنناً شرعية يجب أن نعلم أن هناك سنناً شرعية، من اتخذها وصل إلى أهدافها و جنى منها ثمراتها، ومن لم يتخذها فسوف لن يصل إلى الغايات التي وُضعت تلك السنن الشرعية لها؛ تماماً -كما قلنا- بالنسبة للسنن الكونية إذا تبنَّاها الإنسان و طبقها، وصل إلى أهدافها.
كذلك السنن الشرعية إذا أخذها المسلم؛ تحققت الغاية التي وضع الله تلك السنن من أجلها -من أجل تحقيقها- وإلا فلا.
أظن هذا الكلام مفهوم ولكن يحتاج إلى شيئٍ من التوضيح -وهنا بيت القصيد-، وهنا يبدأ الجواب عن ذاك السؤال الهام.
كلنا يقرأ آية من آيات الله عز وجل، بل إن هذه الآية قد يُزيّن بها صدور بعض المجالس أو جدر بعض البيوت، وهي قوله تعالى: { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [محمد:7]، لافتات توضع وتكتب بخط ذهبي جميل رُقعي أو فارسي... إلى آخره، وتوضع على الجدار... مع الأسف الشديد، هذه الآية أصبحت الجدر مزينة بها، أما قلوب المسلمين فهي خاوية على عروشها، لا نكاد نشعر ما هو الهدف الذي ترمي إليه هذه الآية { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ }، ولذلك أصبح وضع العالم الإسلامي اليوم في بلبلة وقلقلة لا يكاد يجد لها مخرجاً، مع أن المخرج مذكور في كثير من الآيات، وهذه الآية من تلك الآيات، إذا ما ذكّرنا المسلمين بهذه الآية فأظن أن الأمر لا يحتاج إلى كبير شرح وبيان وإنما هو فقط التذكير والذكرى تنفع المؤمنين.
كلنا يعلم -إن شاء الله- أن قوله تبارك وتعالى { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ } شرطٌ، جوابه { يَنصُرْكُمْ}..
إن تأكل إن تشرب إن.. إن الجواب تحيا.
إن لم تأكل، إن لم تشرب، ماذا؟ تموت!!
كذلك تماماً المعنى في الآية { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ } المفهوم -وكما يقول الأصوليون-: مفهوم المخالفة، إن لم تنصروا الله لم ينصركم؛ هذا هو واقع المسلمين اليوم.
توضيح هذه الآية جاءت في السنة في عديد من النصوص الشرعية، وبخاصةٍ منها الأحاديث النبوية. { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ } معلوم بداهة أن الله لا يعني أن ننصره على عدوه بجيوشنا وأساطيلنا وقواتنا المادية؛ لا!
إن الله عز وجل غالب على أمره، فهو ليس بحاجة إلى أن ينصره أحد نصراً مادياً -هذا أمر معروف بدهياً- لذلك كان معنى { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ } أي إن تتبعوا أحكام الله، فذلك نصركم لله تبارك وتعالى.
والآن هل المسلمون قد قاموا بهذا الشرط؟ قد قاموا بهذا الواجب أولاً؟
ثم هو شرط لتحقيق نصر الله للمسلمين ثانياً؟
الجواب عند كل واحدٍ منكم، ما قام المسلمون بنصر الله عز وجل.
وأريد أن أذكر هنا كلمةً؛ أيضاً -من باب التذكير وليس من باب التعليم، على الأقل بالنسبة لبعض الحاضرين-. إن عامة المسلمين اليوم قد انصرفوا عن معرفتهم، أو عن تعرفهم على دينهم -عن تعلمهم لأحكام دينهم-، فأكثرهم لا يعلمون الإسلام، وكثيرٌ أو الأكثرون منهم، إذا ما عرفوا من الإسلام شيئاً، عرفوه ليس إسلاماً حقيقياً؛ عرفوه إسلاماً منحرفاً عمّا كان عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه.
لذلك فنصر الله الموعود به من نصر الله يقوم على معرفة الإسلام أولاً معرفةً صحيحة، كما جاء في القرآن والسنة، ثم على العمل به -ثانياً-، وإلا كانت المعرفة وبالاً على صاحبها، كما قال تعالى: { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } [الصف:3].
إذاً نحن بحاجة إلى تعلم الإسلام، وإلى العمل بالإسلام.
فالذي أريد أن أذكّر به -كما قلت آنفاً- هو أن عادة جماهير المسلمين اليوم أن يصبّوا اللوم كل اللوم بسبب ما ران على المسلمين قاطبةً من ذلٍ وهوان على الحكام، أن يصبوا اللوم كل اللوم على حكامهم الذين لا ينتصرون لدينهم، وهم -مع الأسف- كذلك؛ لا ينتصرون لدينهم، لا ينتصرون للمسلمين الُمَذلّين من كبار الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، هكذا العُرفُ القائم اليوم بين المسلمين، صب اللوم كل اللوم على الحكام، ومع ذلك كأن المحكومين لا يشملهم اللوم الذي يوجهونه إلى الحاكمين! والحقيقة أن هذا اللوم ينصب على جميع الأمة حكّامًا ومحكومين. وليس هذا فقط بل هناك طائفة من أولئك اللائمين للحكام المسلمين بسبب عدم قيامهم بتطبيق أحكام دينهم، وهم محقون في هذا اللوم، ولكن قد خالفوا قوله تعالى { إِن تَنصُرُواْ اللّ
أعني نفس المسلمين اللائمين للحاكمين حينما يخصونهم باللوم قد خالفوا أحكام الإسلام؛ حينما يسلكون سبيل تغيير هذا الوضع المحزن المحيط بالمسلمين بالطريقة التي تخالف طريقة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ حيث إنهم يعلنون تكفير حكام المسلمين -هذا أولاً-! ثم يعلنون وجوب الخروج عليهم -ثانياً-! فتقع هنا فتنة عمياء صماء بكماء بيد المسلمين أنفسهم؛ حيث ينشق المسلمون بعضهم على بعض، فمنهم -هؤلاء الذين أشرت إليهم، الذين يظنون أن تغيير هذا الوضع الذليل المصيب للمسلمين إنما تغييره بالخروج على الحاكمين-، ثم لا يقف الأمر عند هذه المشكلة، وإنما تتسع وتتسع حتى يصبح الخلاف بين هؤلاء المسلمين أنفسهم! ويصبح الحاكم في معزلٍ عن هذا الخلاف.
بدأ الخلاف من غلوّ بعض الإسلاميين في معالجة هذا الواقع الأليم أنه لابد من محاربة الحكام المسلمين لإصلاح الوضع، وإذا بالأمر ينقلب إلى أن هؤلاء المسلمين يتخاصمون مع المسلمين الآخرين الذين يرون أن معالجة الواقع الأليم ليس هو بالخروج على الحاكمين، وإن كان كثيرون منهم يستحقون الخروج عليهم! بسبب أنهم لا يحكمون بما أنزل الله؛ ولكن هل يكون العلاج -كما يزعم هؤلاء الناس- هل يكون إزالة الذي أصاب المسلمين من الكفار أن نبدأ بمحاكمة الحاكمين في بلاد الإسلام من المسلمين؟
ليس من العهود الماضيه بل من الآن حتي يوم أجل ربك في الأمه و لكن أصبحت مخططات تغيب الأهداف الغربيه تتحقق اهداف شيطانيه و صليبيه و لكن هذا بتقبل المسلمين أفكارهم و التعيش علي دماء المسلمين و نجس الأعداء
بقلم: ahmeddiscoverer
No comments:
Post a Comment